ترجمات
حذّر خبراء أميركيون من تنامي نفوذ إيران في الشرق الأوسط عقب تقليص الوجود العسكري الأميركي في العراق وسوريا، معتبرين أن طهران تسعى إلى توسيع ما أسموه بـ”إمبراطورية الظل” عبر شبكة نفوذ سياسي وعسكري واقتصادي ممتدة، مستفيدة من الفراغ الأمني الذي يخلّفه الانسحاب الأميركي.
ذكرت قناة “فوكس نيوز” الأميركية أن تقليص القوات الأميركية في العراق، بعد ستة أشهر من بدء الانسحاب من سوريا، يثير قلقاً واسعاً بشأن تمدد النفوذ الإيراني، رغم تبرير واشنطن القرار بتراجع تهديدات تنظيم داعش ورغبتها في إنهاء الحروب الطويلة.
وأشار التقرير إلى أن إيران عملت منذ عقود على ترسيخ حضورها في العراق وسوريا من خلال نفوذ متشابك عسكرياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وهو ما يجعل تقليص هذا النفوذ مهمة صعبة حتى في حال تغيّر الأنظمة في المنطقة.
ونقل التقرير عن المدير التنفيذي لمعهد “منتدى الشرق الأوسط” الأميركي، غريغ رومان، قوله إن العلاقة بين إيران وسوريا تمتد إلى ثمانينيات القرن الماضي، وإن طهران حولت هذا التحالف إلى “مؤسسة راسخة”، مستغلة المجموعات الشيعية المسلحة في سوريا والعراق ولبنان وأفغانستان لتأسيس بنية عسكرية موازية بإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني، الذي حوّل سوريا إلى “قاعدة عمليات متقدمة”.
وأوضح التقرير أن إيران لم تكتفِ بإنشاء أنفاق ومستودعات أسلحة، بل أدمجت نفسها في الحياة اليومية للسوريين عبر برامج مدنية واجتماعية، بما جعل هيكل نفوذها يتجاوز الحدود القومية ويضم قادة من لبنان والعراق إلى جانب الإيرانيين.
وأشار إلى أن انهيار نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024 واستيلاء “هيئة تحرير الشام” على السلطة لم يُضعف قدرة طهران على استغلال غياب حكومة مركزية موحدة، في ظل تنافس قوى إقليمية ودولية مثل إسرائيل وتركيا وروسيا على النفوذ في سوريا.
وأضاف رومان أن المعارضة الحالية لم تتمكن من بناء “جدار صد” أمام إيران، ما يتيح لطهران فرصة توسيع حضورها في المنطقة ضمن ما سماه “إمبراطورية الظل”.
من جانبه، قال محلل شؤون الإرهاب بيل روجيو من “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” إن إيران تبنّت في العراق استراتيجية متكاملة تجمع بين الأدوات العسكرية والسياسية والاقتصادية لتحقيق أهدافها، مشيراً إلى أن قربها الجغرافي مكّنها من دعم جماعات مسلحة منذ عام 2003 أصبحت لاحقاً جزءاً أساسياً من الحشد الشعبي وتمتلك نفوذاً واسعاً داخل الحكومة ومجلس النواب.
وأضاف روجيو أن هذه الجماعات تمتلك كذلك نفوذاً اقتصادياً كبيراً، مشبهاً إياها بنموذج حزب الله في لبنان، حيث تسعى إيران لتحويلها إلى قوة موازية للحرس الثوري.
وأعرب رومان وروجيو عن قلقهما من أن يؤدي الانسحاب الأميركي إلى إضعاف النفوذ الأميركي في وقت تسعى فيه طهران إلى تعزيز موقعها الإقليمي ومواجهة واشنطن ومصالحها.
وقال روجيو إن الولايات المتحدة لم تتعلم من تجربتي أفغانستان والعراق، موضحاً أن النقاش الأميركي يركز على أعداد القوات لا على طبيعة المهمة، متسائلاً عما إذا كانت واشنطن تمتلك “المزيج الصحيح من الأدوات العسكرية والدبلوماسية والسياسية والاقتصادية لتحقيق أهدافها في العراق”.
وأضاف أن واشنطن أخفقت تاريخياً في التعامل بجدية مع التهديد الإيراني، مشيراً إلى أن “الإيرانيين يعملون بصبر على مدى أجيال، بينما تتحرك الولايات المتحدة وفق دورات انتخابية قصيرة الأمد”، مؤكداً أن هدف طهران النهائي هو إخراج الولايات المتحدة من المنطقة لتوسيع نفوذها في الدول المجاورة من أفغانستان إلى الخليج.

